شهدت المملكة العربية السعودية منذ منتصف القرن الرابع عشر الهجري تطوراً اقتصادياً وعمرانياً كبيراً، وظهرت في مناطقها كافة حركة إنمائية هائلة من مشاريع زراعية وصناعية وتجارية إلى غيرها من نواحي الحياة الاجتماعية، زادت على إثرها حركة السيارات داخل وخارج المدن، واكتظّت الطرقات في أمهات المدن كالرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف والظهران، وغيرها من المدن ذات الكثافة السكانية والحركة التجارية النشطة، وكان لابد أن يصاحب هذا النمو تسهيل وتنظيم لحركة السير وتوفير الأمن والسلامة على تلك الطرق، فأوكل لجهاز الشرطة هذه المهمة حيث كان هناك قسم للمرور يتبع جهاز الشرطة، ويقوم بمهمات تنظيم حركة السير، وتحصيل المخالفات والتحقيق في حوادث المرور، وصدر أول نظام للمرور عام 1345هـ باسم ( قانون السيارات).
وقد تطورت أقسام المرور هذه، فأصبحت إدارات وشعباً ومراكز للمرور، وانتشرت في معظم مدن المملكة، وجميعها تتبع الشرطة بتلك المناطق، وتسير الأمور فيها وفق ما ورد في الفصل الثاني عشر من نظام الأمن العام الصادر بالإرادة الملكية رقم 10/8/1369هـ فيما يختص بواجبات ومسؤوليات قسم المرور ونظام السيارات، ومع التطور الإنمائي والعمراني الكبير كان لابد من صدور نظام للمرور يواكب هذا النمو الهائل، ويتضمن أحكاماً عامة لتنظيم حركة السير والمرور. بناءً عليه فقد صدر تعديل لنظام السيارات، وتعليمات لسائقي السيارات الحكومية والأهلية ومعاونيهم، وتعليمات لمستودعات السيارات الحكومية بالأمر السامي رقم 3125 وتاريخ 10/11/1361هـ.
وفي السنوات الأخيرة ازداد عدد السيارات، وشقت الطرق في جميع أنحاء المملكة، وازدادت حركة النقل البري، لذا كان من الضروري إصدار نظام شامل يواكب هذه الزيادة الهائلة في أعداد السيارات، فصدر نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم 2/49 وتاريخ 6/11/1391هـ، ثم تلاه صدور لائحته التنفيذية التي تضمنت أحكاماً تفسيرية وتنظيمية لنظام المرور.
وتولت الإدارة العامة للمرور مسؤولية قيادة إدارات المرور في عام 1381هـ، وأعيد تشكيلها عام 1387هـ وحددت اختصاصها وواجباتها، وأصبحت إدارة عامة تتبع مديرية الأمن العام، لها ميزانيتها الخاصة والتي أدرجت فيها احتياجاتها من مشروعات وخطط لازمة لتنظيم حركة المرور.
في عام 1400هـ اتسعت مسؤولية ورقعة خدمات المرور بالمملكة حتى أصبحت تتبع الإدارة العامة للمرور ست عشرة إدارة مرور رئيسة، تتبعها إدارات وشعب ومراكز مرور فرعية موزعة على جميع مناطق المملكة.
وكان أسلوب التجنيد في الماضي المصدر الوحيد لتزويد جهاز المرور بالرجال العاملين، لكن استمرار التطور فرض أن يكون رجل المرور متخصصاً في مجال عمله؛ لهذا افتتح معهد للمرور لتخريج رجال أكفاء يتولون مسؤولية العمل المروري، كما عقدت دورات تأهيلية وتدريبية لرفع كفاءة ضباط وأفراد المرور، وتم ابتعاث عدد كبير منهم إلى الدول المتقدمة في مجال المرور، وعادوا مزودين بتقنيات المرور الحديثة.
كما اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لمقابلة الزيادة الهائلة والمستمرة في أعداد السيارات والآليات التي ترد إلى المملكة، وكثفت الجهود البشرية والمادية للقضاء على عوائق السير واختناقات المرور، لاسيما وقد شهدت المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة زيادة كبيرة في أعداد السيارات الواردة، حيث بلغ عـدد السـيارات المسـجلة عام 1399هـ ( مليوناً وسبعمائة وثلاثة وعشرين ألفاً، وست عشرة سيارة)، مقارنة مع السيارات المسجلة عام 1390هـ، إذ كان يبـلغ حوالي 144768 (مائة وأربعة وأربعين ألفاً، وسبعمائة وثمان وستين سيارة).
وشيدت الطرق السريعة العملاقة لتربط المدن بعضها ببعض، وشيدت الجسور والأنفاق، وازدادت وفق كل هذا مسؤولية رجال الأمن والمرور لتحقيق الأمن والسلامة المرورية. وقد نهجت الإدارة العامة للمرور منهجاً علمياً في حل المشكلات المرورية، حيث أجرت البحوث والدراسات للظواهر المرورية، بالتعاون مع جامعات المملكة والأجهزة المتخصصة، واهتمت بالتوعية المرورية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأصبح عمل رجال المرور تطبيقاً يومياً يعتمد في أساسه على النتائج العلمية المستمدة من الأرقام والإحصاءات، وسيشهد المستقبل بإذن الله تطوراً أكبر في مجال العمل المروري ليواكب التطور السريع لمرافق الدولة كافة.